Madinatut-Tawhid/Arabic15
ثمّ اعلموا يا ملأ البيان بأنّ اللّه ما أراد لعباده إلّا ما يقلّبهم إلى رفارف القصوى في جبروت البقاء وما قدّر لهم إلّا ما نخلّصهم عن النّفس والهوى ليبقى الملك لنفسه الحقّ ويطهّر الأرض ومن عليها من دنس هؤلاء المشركين ونشهد في مقام التّوحيدالعبادة بأنّ كلّها يرجع إلى اللّه العزيز المتعالى العليم وكلّها ظهرت من أمر واحد من لدن حكيم قدير وبدئت من اللّه وسيعود إليه وكلّ إليه لراجعين وإليه يصعد الكلم الطّيب وكلّ لوجهه لساجدين ويعبده كلّ من في السّموات والأرض وما من شيء إلّا وقد يسبّح بحمده ويخاف من خشيته لا إله إلّا هو العزيز القيوم كلّ الأعناق منقادة لسلطنته وكلّ القلوب خاشعة لأمره وذاكرة بذكره وهو الّذي عبده كلّ شيء ويعبده كلّ من في السّموات والأرضين إنّ الّذينهم استقرّوا على كرسي التّوحيد ومقاعد التّفريد يشهدون في أنفسهم بأنّ كلّ ما يعبد به العباد بارئهم في صوامعهم ومساجدهم نزل من عند اللّه ويرجع إليه لأنّ المعبود واحد سبحانه وتعالى إنّا كلّ له عابدون ولو أنّ العباد يغفلون في عباداتهم وينسون بارئهم ولكن نفس العبادة والأذكار يسرعون إلى بارئهم وخالقهم وكلّ إليه لسارعين وكلّ ما أنتم تشهدون في ملل الأرض وعباداتهم وأذكارهم كلّها فصّلت من لدى اللّه في عهد رسله وسفرائه وكلّ بأمره لعابدين ولكن لمّا احتجبوا عن المقصود وما قدّر اللّه لهم لذا احتجبوا عمّا اختار اللّه لهم في تلك الأيّام الّتي فيه تغنّت لسان الأحديّة بكلّ ألحان جذب بديع فلمّا أعرضوا عن اللّه بعد انتظارهم واختاروا لأنفسهم هذا جرى عليهم حكم القضاء وكان ذلك في صحائف قدس حفيظ ونشهد حينئذ بأنّ مقامات التّوحيد ومراتب التّفريد كلّها ظهرت في جمال عزّ بديع الّذي ظهر في السّتين بأمر اللّه المقتدر الحكيم العليم وإنّه هو الّذي كان واحدا في ذاته وصفاته وأفعاله ولم يكن له شبه ولا ند ولا ضد وكلّ خلقوا بأمره وكلّ بأمره لقائمين ولن يقدر أحد أن يشاركه في أمره ولا يعارضه في حكمه لا يسئل عمّا فعل وكلّ في محضره لراجعين